ShareThis

الاثنين، يوليو 07، 2014

وصايا الإبحار | الوصية السادسة : أمواج في الطريق





ليكن أخوف ما تخاف منه أنك بعد أن استعددت وركبت ومشيت، أن ينقلب بك المركب!

وهذه ثلاثة أنواع من الأمواج أحذرك منها في بحر رمضان:
العوائد، والعلائق، والعوائق

يقول ابن القيم رحمه الله: "الوصول إلى المطلوب مرهون بثلاث: هجر العوائد، وقطع العلائق، وتخطي العوائق".

*هجر العوائد:
لا نريد أن يكون رمضان مثل كل رمضان؛ نفطر، نأكل وننام.
لا نريد رمضان مثل كل رمضان؛ يضيع ما بين الولائم والزيارات.
لا نريد رمضان مثل كل رمضان؛ أول الشهر نتناظر: "هل سنصوم مع السعودية أم مع مصر؟" وفي وسط الشهر نتجادل: "هل تجوز الزيادة على إحدى عشرة ركعة أم لا تجوز؟"
وآخر الشهر نتشاجر: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة أم لا ؟"...
كف عن الشحناء! كف عن المشاكل!


العوائد قد تكون من المباحات .. بل من العادات .. لكنها اتسمت بالإلف، وصارت من عادات المرء لا من عباداته..
اعبد الله بتجرد من الحظوظ والأهواء .. حتى العادات التي داومت عليها: اهجر البرود فيها، وجدد النيات في عملها، وأخرجها من الروتينية والرتابة، كيلا تغرقك هذه الموجة.

*قطع العلائق:
أحد الإخوة بعدما توقف مع نفسه وتاب، فوجئ في رمضان بموجة عالية؛ إنه يجد مشقة في غض بصره!
كان يحسب أنه إذا أهله رمضان سيكون ملكا!
ففوجئ في عرض البحر .. بأن نفسه تراوده على معصية كبيرة .. فوجئ أنه يعرض عليه الدخان .. فوجئ بنفسه تراوده على .. وعلى .. في رمضان!

يا أخي ..
اعلم أنك لن تصبح ملكا، فلا تزال فيك بعد التوبة رواسب لهذه العيوب والذنوب، فاقطع هذه العلائق قطعا؛ كيلا تغرقك هذه الموجة.

*تخطي العوائق:
العوائق: أشخاص ففي الطريق ..
اقرأ هذه الآية: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (الأنعام: 112)،
فدعك من الناس، هون في قلبك الشر، حتى نفسك.. قلل من شأنها بداخلك .. نفسك الأمارة بالسوء من أعدى أعدائك؛ فتخطها، إنها طالبة للشهوات؛ فتجاوزها ..

وسبحان الملك! من خصائص العوائق إنك إن تخطيتها بفضل الله وتثبيته، فإنك لست فقط تنجو بذلك؛ بل إن هذه العوائق تزيد سرعتك في السير، وترفع إمكاناتك في الإبحار كالحجر إن وطئته رفعك، أو كالجبل الذي تكدح في صعوده، فإن تخطيت أقصى قمته وجدت يسرا في النزول عنه...
هكذا تجد كل المشاكل التي يفتعلها الناس حولك إذا قررت عملا صالحا في رمضان، كالعمرة أو الاعتكاف مثلا، إن قررت منع معصية قديمة كالاختلاط في الاجتماعات الأسرية، أو متابعة البرامج والفوازير والمسلسلات التي فيها النساء والمعاصي مثلا، بمجرد أن تثبت وتتخطى هذه المشاكل تجد أن كلا هؤلاء الناس يعينونك بإذن الله على حياتك الإيمانية .. فاثبت.

والآن .. اقرأ الآية مرة أخرى، لكن مع سياقها كاملا – ولا تجر بصرك عليها سريعا- فإني سأترك لك تدبرها:
قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴿١١٢﴾ وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ﴿١١٣﴾ أَفَغَيْرَ اللَّـهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿١١٤﴾ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴿١١٥﴾ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚإِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴿١١٦﴾ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (الأنعام: 112-117).
إنه مجرد امتحان .. فتخطه مطمئنا .. ولا تغرقك هذه الموجة.

أطواق النجاة من الأمواج الثلاثة (الإنقاذ إن طرأ فتور حاد في رمضان):

*إذا تهت عن الطريق، فابدأ من جديد:
أول طوق من أطواق النجاة إذا تهت: عد من جديد، تب وابدأ من البداية، انو صفحة جديدة لا لغو فيها ولا تأثيم.

*جدد التعظيم ولا تغفل عن الهدف:
أن يعظم الله ويجل في قلبك، ولا تغفل عن الهدف الذي حددناه في البداية وهو طلب العتق.

*انظر إلى النجوم والعلامات:
انظر للأدلة ومن سبقوك في الطريق، لا تتكبر، لا تكن مغرورا، لا تقل: "لا أمضي وراء أحد"، لا تقل: "أعرف كل شيء"، لا تقل: "أنا فاهم والناس لا يفهمون"، اسمع الكلام، اذهب إلى شيخ وبثه شكواك، واستمع لنصحه، والزم أمره، وتابع معه يومياتك.

*لا تشتغل بغير الطريق:
أنت في عرض البحر، فابذل طاقتك فقط في السباحة مع التركيز على الهدف للوصول، ولا تنشغل بغير الطريق؛ انج بنفسك أولا.
كان الإمام الشافعي رحمه الله يفر من مجالس العلم لكي يقرأ ستين جزءًا في يوم واحد!! رحمة الله عليه، كان يختم القرآن مرتين كل يوم، مرة بالليل ومرة بالنهار، فما بالك تضيع قلبك، وتفرق شمله، والناس من حولك أوشكوا على الوصول.. وأنت متعثر!

قاعدة فرعية:
لئن أعتق الله كل الناس من النار إلا أنت .. فلن ينفعك ذلك! أنت المستهدف من عملك أولا؛ فانج بنفسك أولا.
هذا رمضان، أنت في البحر فعلا، وخسارة أن تبذل طاقة في غير ما يوصلك.
إذا نشب حريق في عرض البحر، فهل تداويه بأن تسكب عليه وقودا ؟؟ كيف ستواصل إبحارك إذن وأنت تحرق مركبك وتخسر رفقتك؟؟

*استحضار الفوت:
كم يوم مر من رمضان؟ كم معتوق إلى اليوم وضعوا رحالهم في الجنة؟

*تعرف على ما أوقعك:
هل تساهلت في موضع كان يجب الحزم فيه؟ هل صحبتك دنية الهمة؟ هل بخلت على الله بتضحية كانت ستوصلك؟ هل ...؟

تعرف على ما أوقعك وجعل قدميك تتعثر في الطريق.

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
إصعد لأعلى