ShareThis

الخميس، ديسمبر 06، 2012

الأربعون النووية | الحديث العاشر بتعليقات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً } [ المؤمنون - 51 ] ، وقال تعالى :{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } [ البقرة - 172 ] ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء : يا رب ! يا رب ! ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ؟ ) رواه مسلم


الشرح

    " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً " الطيب في ذاته طيب في صفاته طيب في أفعاله ولا يقبل إلا طيبا في ذاته و في كسبة . وأما الخبيث في ذاته كالخمر، أو في كسبة كالمكتسب بالربا، فإن الله تعالى لا يقبله "
وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين " فقال تعالى "  يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً " فأمر الله تعالى للرسل وأمره للمؤمنين واحد أن يأكلوا من الطيبات، وأما الخبائث فإنها حرام عليهم لقوله تعالى في وصف الرسول الله صلى الله عليه وسلم" وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ "  [ الأعراف - 157 ] .
    ثم أن رسول الله ذكر الرجل الذي يأكل الحرام انه تبعد إجابة دعائه وان وجدت منه أسباب الإجابة يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء " يا رب، يا رب ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسة حرام، وغذي بالحرام، فإني يستجاب لذلك " وهي :

  الأولى: بأنه يطيل السفر، والسفر مظنة الإجابة أي إجابة الداعي .
  الثانية : انه أشعث أغبر، والله تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله وهو ينظر إلى عباده يوم عرفه، ويقول " أتوني شعثاً غبراً " وهذا من الأسباب الإجابة أيضا .
  الثالثة : أنه يمد يديه إلى السماء، ومد اليدين إلى السماء من أسباب الإجابة، فإن الله سبحانه وتعالى يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا .
  الرابعة : دعاءه إياه " يا رب، يا رب " وهذا يتوسل إلى الله بربوبيته، وهو من أسباب الإجابة ولكنه لا تجاب دعوته؛ لأن مطعمه حرام، وملبسه حرام، و غذي بالحرام، فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن تجاب دعوته، وقال " فأنى يستجاب لذلك "

 
يستفاد من هذا الحديث فوائد   : 

- منها وصف الله تعالى بالطيب ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً .
- ومنها تنزيه الله تعالى عن كل نقص .
- ومنها أن من الأعمال ما يقبله الله ومنها ما لا يقبله .
- ومنها أن الله تعالى أمر عباده الرسل والمرسل إليهم أن يأكلوا من الطيبات وأن يشكروا الله سبحانه وتعالى .
- ومنها أن الشكر هو العمل الصالح لقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا " [ المؤمنون - 51 ]  وقال للمؤمنين "  كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ " [ البقرة -  172 ] فدل هذا على أن الشكر هو العمل الصالح .
- ومنها أن من شرط إجابة الدعاء اجتناب أكل الحرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي مطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام " أنى يستجاب لذلك " .
- ومنها أي من أسباب إجابة الدعاء كون الإنسان في سفر .
- ومنها أي من أسباب إجابة الدعاء رفع اليدين إلى الله .
- ومنها أي من أسباب إجابة الدعاء التوسل إلى الله بالربوبية لإنها هي التي بها الخلق والتدبير
- ومنها أن الرسل مكلفون بالعبادات كما أن المؤمنين مكلفون بذلك .
- ومنها وجوب الشكر لله على نعمه لقوله تعالى " وَاشْكُرُوا لِلَّهِ  " [ البقرة -  172 ] .
- ومنها أن ينبغي بل يجب على الإنسان أن يفعل الأسباب التي يحصل بها مطلوبه ويتجنب الأسباب التي يمتنع بها مطلوبه .



تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
إصعد لأعلى