الصدق
• إن أول ما يعلِّمه الصوم للصائم في باب الصدق هو صدقه مع الله؛
إذ الصيام عملٌ سريٌّ بين العبد وربه، وبإمكان المرء أن يدعي الصيام، ثم يأكل
خفيةً فيما بينه وبين نفسه.
عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: كل
عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به)) أخرجه البخاري (1904)،
ومسلم (1151).
فجعل الله سبحانه الصوم
له، والمعنى أن الصيام يختصه الله سبحانه وتعالى من بين سائر الأعمال؛ لأنه أعظم
العبادات إطلاقًا؛ فإنه سرٌّ بين الإنسان وربه؛ فالإنسان لا يُعلم هل هو صائمٌ أم
مفطرٌ؛ إذ نيته باطنة؛ فلذلك كان أعظم إخلاصاً.
• والصدق نقيض الكذب، أو
موافقة الظاهر للباطن، والكذب مخالفة الظاهر للباطن، ولهذا كان وجه الشبه بين
الصوم والصدق، أن كلاًّ منهما لا يطلع عليه إلا الله.
• والصوم كذلك معينٌ على
الصدق في الأعمال فلا يتصف ظاهره بخلاف باطنه؛ وذلك لأن الصوم معينٌ على مراقبة
الله، فقد يكون ظاهر المصلي الخشوع في صلاته، لكن قلبه غافلٌ ومشغولٌ عن الله،
فالصوم يقطع الشواغل التي تبعد العبد عن ربه.
• وكذلك فإن الصائم يصوم
ظاهراً عن الطعام والشراب والشهوة، ومن مكملات الصوم، أن يكون الصائم متقربا
بصيامه لمعبوده، مصدِّقًا بما عند الله من المثوبة، مبتعداً عن المعاصي والآثار،
مقبلاً بكامل قلبه على الله، وبذلك يتطابق ظاهره وباطنه فيكون صادقاً.
قال ابن القيم رحمه الله:
(فإن
الصائم لا يفعل شيئًا، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك
محبوبات النفس وتلذذاتها؛ إيثارًا لمحبة الله ومرضاته، وهو سرٌّ بين العبد وربه،
لا يطلع عليه سواه، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه
ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمرٌ لا يطلع عليه بشر، وذلك حقيقة
الصوم)
(زاد المعاد) (2/27).
• والصدق يمنع صاحبه من
قول الزور، وكذلك الصوم كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله
حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) (أخرجه البخاري) (1903).
لا تنس متابعتنا على حسابتنا