ShareThis

الخميس، نوفمبر 01، 2012

الأربعون النووية | الحديث السادس بتعليقات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله



عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى ، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ " رواه البخاري ومسلم .




الشرح

    قسم النبي صلى الله عليه وسلم الأمور إلى ثلاثة أقسام :
    قسم حلال بين لا اشتباه فيه, وقسم حرام بين لا اشتباه فيه, وهذان واضحان أما الحلال فحلال ولا يأثم الإنسان به, وأما الحرام فحرام ويأثم الإنسان به .
    مثال الأول : حل بهيمة الأنعام، ومثال الثاني : تحريم الخمر
    أما القسم الثالث فهم الأمر المشتبه الذي يشتبه حكمه هل هو من الحلال أم من الحرام؟ ويخفى حكمه على كثير من الناس , وإلا فهو معلوم عند آخرين .

    فهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم الورع تركه وأن لا يقع فيه ولهذا قال :
( فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ) استبرأ لدينه فيما بينه وبين الله, واستبرأ لعرضه فيما بينه وبين الناس بحيث لا يقولون : فلان وقع في الحرام حيث إنهم يعلمونه وهو عنده مشتبه، ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لذلك بالراعي يرعى حول الحمى " أي حول الأرض المحمية التي لا ترعها البهائم فتكون خضراء , لأنها لم ترعى فيها فإنها تجذب البهائم حتى تدب إليها وترعاها "
كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ) ثم قال عليه الصلاة والسلام :
أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى ) يعني بأنه جرت العادة بأن الملوك يحمون شيئا من الرياض التي يكون فيها العشب الكثير والزرع الكثير أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ) أي ما حرمه على عباده فهو حماه؛ لأنه منعهم أن يقعوا فيه ثم بين أن في الجسد مضغة يعني لحمة بقدر ما يمضغه الاكل إذا صلحت صلح الجسد كله ثم بينها بقوله : ( أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ) وهو إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يراعي مافي قلبه من الهوى الذي يعصف به حتى يقع في الحرام والأمور المشتبهات .


فيستفاد من هذا الحديث :        

    أولا : أن الشريعة الإسلامية حلالها بين وحرامها بين والمشتبه منها يعلمه بعض الناس .
    ثانيا : أنه ينبغي للإنسان إذا اشتبه عليه الأمر أحلال هو أم حرام أن يجتنبه حتى يتبين له أنه حلال .
    ومن فوائد الحديث :أن الإنسان إذا وقع في الأمور المشتبه هان عليه أن يقع في الأمور الواضحة فإذا مارس الشيء المشتبه فإن نفسه تدعوه إلى أن يفعل الشيء البين وحينئذ يهلك .
    ومن فوائد الحديث :جواز ضرب المثل من أجل أن يتبين الأمر المعنوي بضرب الحسي أي أن تشبيه المعقول بالمحسوس ليقرب فهمه .
    ومن فوائد الحديث :حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام بضربه للأمثال وتوضيحها .
    ومن فوائد الحديث :أن المدار في الصلاح والفاسد على القلب وينبني على هذه الفائدة أنه يجب على الإنسان العناية بقلبه دائما وأبدا حتى يستقيم على ما ينبغي أن يكون عليه .
    ومن فوائد الحديث :أن فاسد الظاهر دليل على فاسد الباطن لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ) ففساد الظاهر عنوان فساد الباطن .

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
إصعد لأعلى