1. التهيئة قبل الرحلة
قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم :-
«بينما أنا في الحطيم، [ورُبَّمَا قال ِفي الْحِجْرِ] مُضْطَجِعًا إِذْ أتاني آتٍ [هو جبريل] فَشَقَّ مَا بين هذه إلى هذه، [يعني من ثُغْرَةِ نَحْرِه (بين الترقوتين) إلى شِعْرَتِه (أي شعر عانته)، فاسْتَخْرَجَ قَلْبي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ من ذهب، مملوءةٍ إِيمانًا، فغُسِلَ قلبي، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيد». [البخاري: 3598].
قال شيخ الاسلام ابن حجر: شق صدره ثلاث مرات، ولكلٍّ حكمة.
فالأول كان في زمن الطفولية، لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان.
ثم عند البعثة زيادة في إكرامه ليتلقى ما يوحى اليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير.
ثم عند الاسراء ليتأهب للمناجاة.
وافتتاح الإسراء والمعراج بشق صدره عليه الصلاة والسلام، وحشو قلبه بالإيمان الحكمة بعد غسله من متطلبات تلك الرحلة إلى الحضرة الإلهية، والاطلاع على عوالم الغيب التي لا يستطيعها بشر ولا يطيقها مخلوق، ومن أجل هذا هُيِّئ قلبه عليه الصلاة والسلام هذه التهيئة الخاصة لمثل هذه الرحلة، وهذا الأمر يعفينا من كثير من الأسئلة حول إمكانية رؤية رسول الله لربه، والأمر أكبر من قياسه على العقل البشري المحدود والطاقة الآدمية الضعيفة، فهو لقاء يتجاوز حاجز الزمن وحدود المكان يلتقي فيه مع أنبياء ماتوا من مئات السنين، وملائكة مكرَّمين، فضلا عن الشرف الأسمى والمجد الأعلى بالمثول بين يدي رب العالمين.